كـــــان مُجــــــرد انســـــــــان ...
كان يُسمى اصطلاحاً إنسان, يستيقظ باكراً مع صوت الأذان, يحمل عدته و يذهب الى مكان, أو الى اللامكان, حيث يعمل و يتسبب, و لا يخجل من الصدقة و الإحسان, عندما يأتي في المساء, حالته تشبه كل شيء الا هيئة الانسان, يضع رأسه على وسادة من فراغ, و ينام.
في يوم من الأيام, أراد أن يفكر و يبحر في ماهيّة الحياة, نظر الى محيطه فرأى التفاوت في المال, و ابتعاد الطبقات عن بعضها باتساع,أراد أن يشخص الأمراض, فعرف أن له حقاً مثله كمثل أخوته بني الانسان, فتكلم و صاح بأعلى صوت, سمعه حتى من في الجنّان, أريد أن أعيش و أنا حر, و أن ألامس الكرامة و لو بشعرة أو ببضعة مليمترات.
كل يوم يزداد اصراره على اكتشاف المزيد, فاكتشف متأخراً أنه كان لا شيء, مجرد آلة لخدمة هذا و ذاك, آلة لا تعرف الا الأكل و الشرب و النوم, تعمل بقوت يومها و تنطفئ حتى الصباح, جمّع رفاقه من الشباب,و أراد أن يصنع ضجة, للفت الانتباه, لكن هم لم يريدوا, فاطلق عليهم دخان, و وابل من رصاص, هرب الجميع و لم يبقى غيّره في الميدان.
سقط على الأرض, أصبح سيداً في السماء, بعدما كان عبداً على أرض الأسياد, أصبح منارة يهتدي بها سكان الحيّ من الفقراء, تحوّل صاحبنا من مجرد شخص, الى مٌجمع أشخاص, أهدى نفسه الى الآخرين, و أصبح قديسهم الأوحد.
ما زال نسل ذلك الانسان, يمدُّ الناس بالطاقة, و يدفعهم الى بر الأمان, مازالت عيونه تراقبهم عن بُعد, و روحه تسير معهم, في تجمعاتهم اليّومية, لا بُد لقضيتهم أن تنتهي, وفق ما أرادت شمعتهم, و وفق ما يريدون.
هذا حُلم انسان, ما زال حيّاً, لم يموت, هذا حلم كان يٌسمى ضاد, غيَّر مفاهيم الحياة, تحولنا من الدون, الى أعلى ما يكون, هناك خيط من الأمل, أو مجموعة من خيوط لتشكل طموحاً لا بد أن يرسم لوحة, عنوانها انتصــــار الشعوب, و حرية الانسان.