صمت القلم 2

ينتابني شعور غريب، وأنا أحاول أن أمد على الأوراق المبعثرة أمامي هنا وهناك..خطوطا بالطول وخطوطا بالعرض.. أحاول أن أمزق كل شيء من حولي..أحاول أن أتذكر شيئا ما يدور بمخيلتي ..لكنني لا أدري في هذا التذكر شيئا يمكن أن يدفع بي إلى الأمام..
أنت مثلا..لا أريد أن أتذكرك ولا حتى أشغل نفسي بذكرياتك ..أريد أن أنسى أننا التقينا ذات مرة..وكان ذلك منذ عهد بعيد..الليل طال كثيرا علي..أعياني السهر..تملكني الخوف ،فسئمت البقاء وحدي في بحور الذكريات الصامتة..لعلك أنت السبب في هذا كله..لكن ..لا ألومك لأنك أنت التي اخترت هذا الطريق..هل كان لزاما عليك أن تهجرينني ؟.. وهل فكرت ولو لحظة في مصيري من بعدك؟..
كل هذه التساؤلات أريد أن أنساها ،فلماذا تذكرينني بها؟..فأنا لا أقوى على حمل نفسي أرجوك سامحيني..أريد أن أنسى أننا التقينا ذات مرة..وكان ذلك منذ عهد بعيد..بعد السماء عن الأرض..وفي غمرة من عمر الزمن وجدت الأمل قد ضاع مني ..فلم يبق بين الذكريات التي حفظتها لك سوى دموع، غضب، أنين، شرود..وخوف من المستقبل..
فالأمل كان قائما من أجلك..وضاع لما بحثت عنك في ظلمة هذا الليل الطويل..فلم أجد لك أثر..فأين أنت؟.. أريد أن أسألك..هل شعرت يوما بشيء وأنت بقربي ..هل لفحتك نار الشوق صدرك.. عندما عزمت على الهجرة..أخبريني بما شعرت يوم فكرت في الوداع ..لماذا فضلت الوداع على البقاء بقربي؟.. هل لأنك خائنة..هل لأنك تافهة؟.. لا ..لا أقدر على أن اتهمك بهذه التفاهة وبهذه الخيانة..لأنني أعلم أنك لم تخون عهدا قطعناه على أنفسنا يوم اتقينا..ولكنك فكرت بجد يوم وصلنا إلى مفترق الطرق.. فكان لا بد من أن يسلك كل منا طريقه بمفرده ..فسلكت طريقك وسلكت طريقي فأصبحنا وكأننا لم نلتق ،وإن كنا قد التقينا ..فأن لقيانا كان فوق طاقتنا..
ومع هذا فإن الدفء قد سرى في أجسامنا يوم اجتمعنا واقتربنا من بعضنا..فكاد القرب يمزج بين أرواحنا ،ليقيم منها تمثالا للصفاء والمحبة..وكان ذلك منذ عهد بعيد..ورغم طول المدة التي فصلت بيننا ..مازلت أحتفظ بصورة لطيفك يكاد البعد يمحوها من ذاكرتي..
وامتد يد الزمان جائرة على الذكريات ،فطمست جزء وافرا منها..ولم تترك ليسوى دموع وحسرة، وألم وضياع..وحزن مقيم بقلبي يكاد يفنيه فناء..وأنت هادئة مطمئنة لا تبدين أي شيء حتى ظهورك في الأحلام انقطع عني ولم يعد يزورني مثل سابق عهده..
ونفضت يدي من حبك..بالرغم مني..ونسيت يوم التقينا يوم كان اللقاء محتوما ..وشربت المر من بعدك..وأنت هادئة مطمئنة لا تشعري..وكأن الهيام أصاب قلبي وأخطأ في الوصول إلى قلبك ،فهنيئا لك يوم عزمت على الهجرة ..لست أدري إذا كان ذلك رغبة منك أو أن الزمان هو الذي أجبرك على فعل ذلك..المهم أنك أصبحت سرابا ،وأمسيت سرا مدفونا في قلبي،لا أفضل أن أبوح به لأي كائن لا يشعر بحالي..
وسيظل هذا الكنز الثمين الذي ورثته عنك أملي في الحياة..وبقاؤه يعني بقائي إن لم أقل أن فناؤه هو فنائي..والحياة مستمرة وسوف لن تتوقف..فانتظر قدوم الليل بفارغ الصبر ،لعلي أفلح في اصطياد طيفك عندما تزوريني في الأحلام..فهذا الذي يواسيني ..وهذا الذي يشغلني كلما يشتد الظلام..
فتشت عنك بين ضلوعي فلم أهتد إلى طريقك..فاكتفيت بأن أسجل لك صفحة مشرقة بين صفحات رواية"كان يا مكان" ويراود النوم جفوني فأكاد أنام ..لكنني تذكرت السلام قبل أن أنام..فسلامي أزفه إليك عبر هذا الصمت المخيف ،الذي يقتحم غرفتي،فهو يخيفني ،أرجوك أين أنت؟.. فأنا أخاف هذا الصمت..
ورغم الخوف..ورغم الظلم..فأنا قررت أن أواصل الكتابة..وأحاول جادا استكمال هذه القصة..قبل أن يدركني نور الصباح..فتشغلني مشاغلي عنك، وتنسيني الضوضاء الصاخبة المنبعثة من أفواه الأشرار الذين أعيش بينهم..أن هناك بين الديار البعيدة ،تعيش إنسانة كان لها في حياتي أثر بليغ ذات يوم..
وفي هذه اللحظة أشعر بالتعب يسيطر على كامل أعضائي ويشل حركة أطرافي نهائيا..فلا أستطيع أن أكتب أكثر من هذا فاستودعك ،وإلى أمل اللقاء في ليلة قادمة إن شاء الله تعالى..تصبحين على خير..
ليلة سعيدة وأحلام هادئة

شكرا اخي على هذا الموضوع الرائع

شـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــكراااااااااااا لك اخى بارك الله فيك

شكرا على إطلالتكم

ترى ماهذا الشعور الغريب ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

شكرا لك