بسم الله الرحمن الرحيم
وقفة مع نفس نلثم فيها أحداثاً صاغها القدر, لنقف في كل سلوك تخمر في الجبين وطُبعت أثارهُ في جدار العمر, تمر بنا الأيام تِباعاً منسابة كغيم تُسيرها الرياح لا يوقفها وحشة الليالي أو حرقة النهار.
أيامُ وليالي تمر نفقد معها الشعور بالكثير من مجرياتها, سوا من بعض وقفات وأحداث تظل غضة في الفكر لا يرتاح جانبها, خالدة بخلود صاحبها إلى أخر هبه هواء رحلت في اضطراب عن الصدر معلنة نهاية مسيرة العمر.
دمعة مصلوبة تتلظى في صدر الصور, وابتسامة ساحرة متّقدة في وجه القمر,, ووجوه ندية نشتاق لها مع كل إطلالة فجر, وأخرى ممقوتة في ذكرها يعصف بنا القهر ... حكايات باسقة بين مد وجزر كان لنا منها ما أضحك الروح وأسهد الفكر.
أسراب من عبقِ الذكريات كالزهر تُحيي أمجاد ربيع الأيام في مسيرة العمر, وأخرى كوخز الإبر خلّفتها صراعات الدهر ونفايات لأحداث تسيد فيها الظلم كأساً تجرعناه في صبر.
وبين ذلك كله يبرز للمبصر بعين المؤمن جمال الحياة ونعمة جاد بها رب العباد, فلنا مع حسن التناغم المحمود مع مجريات القدر خير يتجلّى كالقمر حين اكتماله, وصدق القائل صلى الله وعليه وسلم: "عجبت للمسلم إذا أصابته مصيبة احتسب و صبر و إذا أصابه خير حمد الله وشكر إن المسلم يؤجر في كل شيء حتى في اللقمة يرفعها إلى فيه" (حديث شريف).
فإن كان لنا في العمر وافر صحة فهي الفضل العظيم دونها كل شيء في يُسر, فما زاد عن ذلك نعمة عظيمة وفضل لا يفيها حقها وإن كنا في كل لحظة نتضرع في شكر.
قد حملنا معاول الأهداف و تأزرنا بالرغبات وفي داخلنا تدفعنا أحلامنا, خضنا الدروب وحطمنا القيود وتجاوزنا الحدود وكان معنا من كان وخلفنا كانت آثار الحروب, فيها الظالم والمظلوم والمتقرفصين في الأركان أحنت رقابهم العسرات, وفيها القابعين في حذر خلف الشبهات لا يتجاوزون ما بيّنته الحدود, فمن منهم قد أصاب الهدف وعمل لِما بعد الموت يبتغى رضا الرب المعبود ؟؟
قد نسينا ما كان فرضاَ علينا أن لا يُنسى, وتُهنا عن هدفٍ كان حقاً علينا أن يُبنى, شأنا أم أبينا قد حكمنا وتجاوز الجزاء حدود تحمُلنا, فعسى الرحمن في دعائنا أن يفيض بالخير علينا.
والحمد الله أن جعل في العمر لحظات نقف فيها مع النفس نستفيق خلالها من متاهة العصيان لنعود مطأطئي الرأس تسبقنا الرغبات إلى طي الصفحات المظلمة لتبدأ مرحلة جديدة ,حية فيها الأذهان وصحيحة فيها الأبدان, يرضاها كل ذو شأن ومن فوقهم رب العالمين وسيد الخلق أجمعين محمد صلى الله وعليه وسلم, هذا و الحمد الله رب العالمين.