الا في نظري

أعترف بأنني ظللت فترة أتألم ، كانت لمراد بالفعل منزلة كبيرة في نفسي... وكنت شديدة الإعجاب بشخصيته ولم أفعل من وجهة نظري أكثر من التعبير عن هذا الإعجاب، كنت أؤمن بأن هذا حقي ، ليس بالنسبة إليه وحده ، لكن بالنسبة لكل من يمكن أن يضمه مجتمعي ، أن أعبر لكل شخص عما استشعره له بلا حرج ولا خوف مادامت تصرفاتي واضحة سليمة...

وكان أكثر ما يؤلمني أن مراد بالذات لم يستطع ان يفهم ذلك عني وتصور أنني متجاوبة عاطفيا...وأننا يجب أن نتزوج ، وأقلقني الأمر وسبب لي بعض الحيرة ، ولكني لم ألبث ان تغلبت عن همومي الصغيرة ، تاركة للزمن مهمة اقناع مراد بسلامة موقفي.



التحقت بكلية التجارة ذات الكلية التي تخرج منها مراد ... أعترف بأنه هو الذي أقنعني بهذا الإتجاه ، ومنذ بداية حياتي الجامعية قررت ألا أسجن شخصيتي تحت قيود بالية ... هكذا أصبحت خلال فترة وجيزة على صلات طيبة بالأساتذة والزملاء ... كنت مقتنعة بأنني لا انضج إلا إذا مارست تجارب الاختلاط ، ولم أكن أسعى بذلك وراء شهرة لكني أصبحت مشهورة رغما عني ، وبدأت المح في عيون الزميلات غبطة وفي عيون الزملاء إعجابا

لكني لاحظت في عامي الثاني بالكلية همسا يدور حولي وكنت أمقت الهمس وأراه ضعفا وخسة وذهبت إلى الزميلة مصدر الهمسات قلت لها : اعتدت الشائعات منذ العام الماضي لكن ماذا جد حتى بدأتن في التباعد عني قالت : الكلام كثير حول تردد بعض الزملاء على بيتك قلت : هذا ما يحدث بالفعل بحكم الجيرة أو بحكم الصلة العائلية...وأنا لا أعيش وحدي في البيت غنما لي أسرة يستقبل أفرادها معي هؤولاء الزملاء كانهم أخوة لي هزت كتفيها قائلة : لا يزال مجتمعنا لا يهضم هذه الصورة



بعد ذلك الحديث بأيام وبينما كنت مع اخي في سيارته في طريقنا لزيارة بعض اقاربنا مرت سيارة أعرفها كل المعرفة كانت لزميل سمعته ليست فوق مستوى الشبهات وقد حاول التودد إلي بشتى الطرق لكني أعرضت عنه وكانت تجلس بجانبه الزميلة التي أبدت استنكارها لاستقبال الزملاء ببيتي .... زفرت غيظا هذه هي العلة نحارب العلنية بكل ضماناتها ونمارس الخفاء بكل مخاطره ونصدر أحكاما جائرة ... ندين فيها الأبرياء ونبرء فيها المخطئين



انتهت سنوات الدراسة الجامعية بخيرها وشرها وتقدمت لأحد البنوك الإستثمارية معتمدة على تقديراتي المرتفعة وإجاداتي اللغات ... سرعان ما قبل طلبي وحينئد ، تذكرت ان مراد يعمل بنفس البنك سألت أخي الذي تجمعه به صداقة قوية : ألا يزال يعمل بنفس البنك رد ،: هو الآن في منصب كبير قلت ضاحكة : إذن أعتمد على مساعدته قال بعد صمت: دعي مراد في حاله إنه صديقي ولا أحب أن ...قاطعته قائلة : كأنك الاخر تعتقد اني خدعته؟ قال: لقد آليت على نفسي عدم مناقشتك أو مناقشته في الأمر وبهذا استطعت الإحتفاظ بصداقته ، قلت منفعلة : اطمئن لن أفكر قط في اللجوء إلى مراد .



شاءت الصدف ان اعين في القسم الذي يرأسه مراد وكان حتما ان التقي به قبل تسلمي العمل من جانبي كنت طبيعية اما هو فخاطبني بطريقة رسمية وطلب من سكرتيرته ان توصلني الى مكتبي قرررت بيني وبين نفسي الا اجعل هذه البداية تؤثر على معنوياتي فقد كنت أؤمن بان الانسان يجب الا يفقد تفاؤله مهما اعترضته المصاعب ....

وبهذه الروح المتفائلة بدأت أتعرف علة زملائي محاولة ان اجد لنفسي مكانا في مجتمعهم نجحت واحببت عملي الجديد شئ واحد كان يضايقني ويرهقني المواصلات ووقتي الذي يضيع فيها اعصابي التي تتوثر بسببها....

وانا واقفة في انتظار سيارة اجرة ذات يوم دون جدوى لمحت زميلا يقف بسيارته في الاشارة اشرت اليه واسرعت بالركوب بجانبه قائلة: لو لم تمر في تلك اللحظة لفقدت اعصابي قال: انا امر من هنا كل يوم فهو طريقي المعتاد اسكن نفس الحي قلت مازحة: هذه خيانة تسكن نفس الحي الذي اسكنه وتتركني تحت رحمة المواصلات





يتبع.....