رحلة على ظهر تينين على سطح القمر
في هذه الليلة نام يوسف مبكراً وهو في شوق كبير لرؤية صديقه العجيب، التنين الأخضر.... وما كاد يغرق في بحر الأحلام
حتى رأى نفسه كأنه واقف على قمة جبل عال.. عال جدا، وفجأة زلقت قدمه
فهوى إلى الأرض مثل صاروخ نفاث، فأخذ يصرخ بأعلى صوته
النجدة... النجدة.. أنقذوني
وقبل أن يقع يوسف على الأرض، أحس بطائر ضخم يرفعه إلى الأعلى يا للفرحة.. إنه صديقه التنين الأخضر
قال يوسف:
شكرا لك يا صديقي الوفي.. لقد جئت في الوقت المناسب لولا أنك أنقذتني
لكنت الآن منسحقا على الأرض وقد فارقت روحي جسدي
قال التنين والخجل يظهر على وجهه
الفضل لله أولا وأخيرا الذي يقول للشيء كن فيكون .. يا صديقي
عند ذلك خطر في ذهن يوسف خاطر عجيب فسأل التنين
لماذا يا صديقي يسقط الإنسان من أعلى إلى أسفل..؟ ولماذا لا يرتفع إلى الأعلى ولماذا لا يستطيع
البشر الطيران في الجو بغير أجنحة، أو مركبات فضائية
حرك التنين رأسه مبديا إعجابه بذكاء يوسف وفطنته
هذا سؤال جيد يدل على فطنتك وذكائك يا يوسف
قال يوسف :
لقد أخجلتني .. إنك تبالغ كثيرا بوصفك لي بالذكاء والفطنة
فقال التنين
كلا فأنا لا أبالغ مطلقا.. إنما أقول الحقيقة.. فكم من البشر عاشوا على مدى قرون عديدة
ولم يتفكروا لحظة واحدة، لماذا يسقطون
إلى الأسفل.. ولماذا لا يرتفعون إلى أعلى، وقلة قليلة فقط من نظر في هذا
الأمر واكتشف أشياء مدهشة للغاية
فقال يوسف
وما هذه الأشياء المدهشة يا صديقي
قال التنين:
أنت الآن يا صديقي الصغير تريدني أن أكون معلما، لكن لابأس سأحاول أن أشرح لك الأمر بشكل بسيط.
لقد كان هناك رجل ذكي يحب أن يفكر ويتأمل الكون حوله، ولا يقع حادث أمام عينيه إلا ويحاول فهم أسبابه
كان اسم هذا الرجل إسحاق
نيوتن، وكان ذات يوم جالسا تحت شجرة، ويقال أنها شجرة تفاح، فسقطت تفاحة على مقربة منه أو ربما على
رأسه لا أدري بالضبط، فقفز إلى ذهنه سؤال محير
لماذا سقطت التفاحة إلى أسفل
فصرخ يوسف بفرح
إنه مثل سؤالي تماما
قال التنين الأخضر: بالضبط... وهذا يعني أنك تفكر مثله أيضا أليس كذلك
قال يوسف
أتمنى أن أفكر مثله... ثم ماذا حصل بعد ذلك
أجاب التنين : لقد حدث أمر غير حياة الإنسان بكاملها .. لقد اكتشف نيوتن أن هناك قوة في الأرض تسمى الجاذبية، هي
التي تشد الأشياء إليها ولا تتركها ترتفع في الفضاء فإذا حاول أحد الارتفاع سقط.. ومن ثم بدأ الناس يفكرون في مقاومة
هذه الجاذبية والطيران في الجو.. وبعد سنوات طويلة تمكن الإنسان من صنع الطائرة ثم المركبة الفضائية بعد ذلك
قال يوسف
إذا لا يمكن للإنسان أن يطير إلا إذا ركب طائرة أو مركبة فضائية
قال التنين
أجل لا يمكنه أن يطير بجسمه وحده إلا إذا
وسكت التنين برهة يتأمل فقال يوسف بلهفة
إلا إذا.. ماذا
قال التنين وهو يبتسم
إلا إذا صعد إلى سطح القمر
فقال يوسف: وهل ذلك ممكن
قال التنين الأخضر: هو ممكن جدا... لكن هناك مشكلة واحدة فقط إذا حلها الإنسان تمكن
من الذهاب إلى القمر في أية لحظةصديقي
قال التنين: إن الإنسان لا يستطيع أن يحيا بدون أكسجين.. ولا يوجد الأكسجين في القمر
قال يوسف: وما هو الحل إذا أيها الصديق العزيز
قال التنين: أتحب أن تصعد إلى القمر
قال يوسف بشوق: أجل.. أجل، ومن لا يحب الصعود إلى القمر
قال التنين الأخضر: ما عليك سوى أن ترتدي قناع الخيال
قال يوسف: ماذا..؟ قناع الخيال ؟ وأين أجد قناع الخيال
قال التنين
أغمض عينيك
فضحك يوسف من أعماق قلبه وقال: أغمض عيني مرة أخرى
قال التنين وهو يبتسم : أجل أغمض عينيك مرة أخرى
وأغمض يوسف عينيه .. ثم طلب منه التنين أن يفتحهما ففتحهما فرأى قناعا مزركشا عجيبا
فيه عشرات من الألوان الغريبة المدهشة ..فقال التنين
ارتدي هذا القناع وسوف تصحبني في رحلة شيقة إلى الفضاء، حيث نتجول على سطح
القمر وأعرفك هناك على أصدقائي القمريين
قال يوسف: ماذا قلت.. تعرفني على القمريين
قال التنين وهو يبتسم
نعم القمريون... ارتدي القناع وحسب ثم سوف ترى العجب
ارتدى يوسف قناع الخيال وامتطى ظهر التنين، فانطلق به مثل السحاب نحو الفضاء الكبير
كان القمر في تلك اللحظة بدرا كاملا، يسحر العيون بمنظره البديع وضوئه المتوهج
ولم يصدق يوسف عينيه عندما رأى القمر يقترب منه
مثل كرة فضية ضخمة.. إن سرعة التنين مدهشة للغاية، فلم تمض بضع لحظات
حتى حط على سطح القمر، وقال لصديقه
هيا يا يوسف طر الآن حيث شئت، فإنك الآن مثل عصفور صغير، يلهو في الفضاء الرحب
قال يوسف وهو يرفع نفسه عن ظهر التنين فيرتفع تلقائيا في الجو ويقفز إلى سطح القمر
ثم يرتفع وينزل بشكل بطيء دون أن يتأذى أو يتألم
كأنه تحول إلى صورة بطيئة في فيلم تلفزيوني
يا للفرحة إنّني أطير.. أطير بغير أجنحة ولا ريش، إنّني أطير يا سلام... يا سلام... ثم التفت إلى التنين الأخضر قائلا
لكن قل لي أيها التنين الأخضر
كيف حدث هذا..؟ لماذا نطير فوق سطح القمر ولا نطير فوق الأر
أجاب التنين وهو يبتسم
لقد أخبرتك من قبل أن في الأرض جاذبية قوية تشد الناس والأشياء إليها .. أما في
القمر فإن الجاذبية ضعيفة جدا ، فهي 6 مرات أقل من
جاذبية الأرض ، ولذلك أنت الآن تحلق فوق سطح القمر وتنزل عليه ببطء
شديد مثلما يرتفع وينخفض البالون المنفوخ