شيخ المدربين يغادر الخضر بعد تاريخ مشرف بعدما عرف برجل المهام الصعبة لقيادته منتخب بلاده في أحلك الظروف. يعتبر المدرب رابح سعدان منقذ الكرة الجزائرية من أزماتها حيث يتم
الاستنجاد به عند الضرورة ليرتبط اسمه باهم إنجازات المنتخب الجزائري خصوصا
ما تعلق منها بالتأهل إلى المونديال.
فهو وحده، من بين جميع مدربي الجزائر، من يملك "شرف" المشاركة
والحضور في المونديال مرتين وهما مونديالي 86 بالمكسيك وجنوب أفريقيا في
2010.
وكان قبلهما ضمن الجهاز الفني الذي ساهم بتأهل "الخضر" لأول مرة
إلى مونديال إسبانيا 1982 لكنه أبعد قبل الوصول إلى خيخون رفقة مجموعته
التي كان يقودها آنذاك السوفياتي رايكوف والجزائري محمد معوش أحد نجوم
منتخب جبهة التحرير الوطني بينما جيء بسعدان لتلقينه مبادئ التدريب رفقة
اثنين من كبار المدربين آنذاك فضلا عن كونه صاحب شهادة عليا بالتدريب في
محاولة من السلطات المزاوجة بين الخبرة والشباب والعلم أيضا.
كانت هذه أول تجربة ميدانية لسعدان (مواليد 1946 بمدينة باتنة –
450 كلم شرقي الجزائر العاصمة) بعد تجربة غير مشهود لها كلاعب في فريقه
الأول مولودية باتنة ثم شباب الأبيار أحد الفرق الصغيرة بالجزائر العاصمة.
جاءت تجربته الأولى في تأهيل الخضر، ولو من بعيد، ذات أهمية كبرى
لهذا الذي قرر أخيرا الاستقرار بالجزائر العاصمة ومواصله تعليمه العالي
بكلية تكنولوجية الرياضة بدالي إبراهيم أحد أهم الكليات الرياضية المتخصصة
آنذاك بأفريقيا.
سعدان في سلك التدريس وانخرط مدرسا فيها لاحقا حيث تخرج على يديه بعض المدربين بينهم
المدرب الحالي لمنتخب المحليين عبدالحق بن شيخة والمدرب الحالي لاتحاد
الحراش بوعلام شارف، لكن تجربته بتدريب الأندية المحلية، وقتها، اقتصرت على
ناديين فقط أبرزهما فريق شباب قسنطينة (عاصمة الشرق الجزائري) قبل أن
يبتسم له الحظ مجددا وتسند له مهمة الإشراف على المنتخب الأول لقيادته في
تصفيات أمم أفريقيا ومونديال المكسيك 1986.
ورغم صغر سنه (أقل من 40 سنة) وقلة خبرته إلا أنه نجح في قيادته
بامتياز إلى البطولتين مزيحا عن طريقه منتخبات كبيرة كزامبيا وتونس
مستفيداً في ذلك من كتيبة من النجوم الموهوبين على غرار عصاد وبلومي وماجر
والجيل الصاعد من الموهوبين مثل جمال مناد وياحي حسين وفضيل مغارية وبعض
المحترفين على غرار بن مبروك.
النجاح في الغربة وفي خلال الموعدين فشل المنتخب الجزائري فشلا ذريعا وخرج فيهما من
الدور الأول بخفي حنين رغم قدرته على الذهاب بعيدا، سيما في المونديال
المكسيكي، وتعرض المدرب لضغوط عقب الخروج المذل وتلقى وعائلته تهديدات
بالقتل ما حدا به للانسحاب من الساحة الكروية الجزائرية، وقرر إثبات كفاءته
خارجا فاتجه للإمارات ثم إلى المغرب.
حيث أشرف على الرجاء البيضاوي ونجح معه في إحراز لقب بطولة
أفريقيا للأندية البطلة عام 1989 متفوقا في المباراة النهائية على مولودية
وهران الجزائري بوهران رغم عاملي الملعب والجمهور واستفادتها من كوكبة من
النجوم بتقدمهم بلومي وماروك وسباح بن يعقوب وآخرين.
عودة إلى الجزائر رغم هذا التألق إلا أن سعدان بقي بعيدا عن المشهد الكروي الجزائري
حتى قبل 2004 حيث قاد المنتخب إلى أمم أفريقيا التي أقيمت بتونس ونجح بفضل
جيل جديد من اللاعبين بينهم كريم زياني وعنتر يحيى وسمير بلوفة من التعادل
أمام الكاميرون و إسقاط مصر بالهدف التاريخي لحسين عشيو ثم التأهل، بجدارة،
إلى الدور الثاني حيث خسر، في أخر دقائق المباراة، بشق الأنفس من المنتخب
المغربي الشقيق.
غير أن مهمته مع "الخضر" انتهت بانتهاء الدورة الأفريقية حيث قرر
الإنسحاب من منصبه ليتم الاستنجاد به في آخر 2007 بعد الإخفاق في التأهل
إلى أمم أفريقيا لسنتي 2006 و 2008 ونجح في ظرف عامين بقيادة المنتخب إلى
أمم أفريقيا 2010 والمونديال الأفريقي لجنوب أفريقيا بعد غياب 24 سنة.
كانت عودته للخضر عقب نجاحه في تدريب وفاق سطيف الذي أحرز معه لقب
دوري أبطال العرب والدوري المحلي عام 2006، وهو ثالث فريق جزائري يدربه في
مشواره الكروي.
مشاكل سعدان ولئن اعترف الجزائر بفضله – بعد الله- في إسعادهم خلال عام واحد
بفضل الانتصارات التي شهدها ملعب تشاكر بالبليدة وأم درمان بالسودان، إلا
أنهم يعيبون عليه فقدانه للشجاعة والجرأة فضلا عن تساهله في فرض الانضباط
داخل المجموعة وتفضيله للاعب المغترب على اللاعب المحلي حتى لو كان الأخير
في أفضل حالاته، وهي إحدى السلبيات التي ألبت عليه الرأي العام المحلي
وجعلته في عين الإعصار قبل أن يجرفه التيار بعد التعثر أمام تنزانيا.
وبلا شك فإن ذهاب سعدان سيريح أكثر اللاعب المحلي في صورة لموشية
وحاج عيسى وجابو وبلكلام وتجار ممن شهد لهم الجميع بأحقيتهم في المنتخب إلا
سعدان.