مقدمة :أطفالنا هم فلذات أكبادنا فيهم نرجو أن تتحقق أمالنا و نرى فيهم ثمرة أتعابنا فدعاء كل مسلم هو "ربنا اجعل لنا من ذرياتنا و أزواجنا قرة أعين و اجعلنا للمتقين إماما" فالنجاح و التفوق مطمح كل أم و أب و هاجس كل أسرة تتمنى أن يكون ابنها شامة بين أقرانه حائزا على أفضل النتائج.
فماذا علينا فعله لكي يكون أبنائنا كذلك؟
وما هي الإجراءات التي ينبغي أن نتخذها لكي تتحقق فيهم أمالنا؟
و ما هي الأسباب التي ينبغي توفيرها لكي ينجح أطفالنا بامتياز؟على الآباء إيجاد الطريقة المثلى للتحصيل الدراسي و تسخير كل ما يساعد على ذلك من وسائل دينية و علمية .و في هذا الصدد أدلو بدلوي لعلي اشفي غليل بعض الآباء.
و ألخص الجواب عن هذه الأسئلة في 6 أبواب أساسية:
1 ـ ربط التعليم بالأخلاق:إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
عن أسامة بن شريك قال: كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه و سلم كأنما على رؤوسنا الطير ما يتكلم منا متكلم إذ جاءه أناس فقالوا: من أحب عباد الله إلى الله تعالى؟ قال "أحسنكم أخلاقا ". و في رواية ما خير ما أعطى الإنسان ؟ قال خلق حسن. و قال: إن الفحش و التفحش ليسا من الإسلام في شيء، و إن أحسن الناس إسلاما أحسنهم خلقا. و سئل أي المؤمنين أكمل إيمانا؟ قال أحسنهم خلقا.
و حسن الخلق لا يؤسس في المجتمع بالتعاليم المرسلة، أو الأوامر و النواهي المجردة إذ لا يكتفي في طبع النفوس على الفضائل أن يقول المعلم لغيره أو الأب لابنه افعل كذا أو لا تفعل كذا فالتأديب المتحر يحتاج إلى تربية طويلة و يتطلب تعهدا مستمرا.
و لن تنجح التربية إلا إذا اعتمدت على الأسوة الحسنة فالرجل السيئ لا يترك في نفوس من حوله أثرا طيبا. و حين يريد الأبوان أن يتدرج طفلهما على خلق الصدق ،الأمانة، العفة، الرحمة، و مجانبة الباطل.... فعليهما أن يعطيا من أنفسهما القدوة الصالحة في فعل الخير و الابتعاد عن الشر، في التحلي بالفضائل ، و التخلي عن الرذائل، في إتباع الحق و مجانبة الباطل، في الإقدام نحو معالي الأمور و الترفع عن سفاسفها.
إن الولد الذي يرى أبويه يكذبان... لا يمكن أن يتعلم الصدق، و الولد الذي يرى أبويه يغشان أو يخونان... لا يمكن أن يتعلم الأمانة، و الولد الذي يرى أبويه في ميوعة و استهتار... لا يمكن أن يتعلم الفضيلة، و الولد الذي يسمع من أبويه كلمات الكفر ، السب و الشيمة لا يمكن أن يتعلم حلاوة اللسان، و الولد الذي يرى من أبويه الغضب، العصبية و الانفعال لا يمكن أن يتعلم الاتزان، و الولد الذي يرى من أبويه القسوة و الجفاء... لا يمكن أن يتعلم الرحمة و المودة.
و هكذا ينشأ الولد على الخير و يتربى على الفضيلة و الأخلاق... إذا وجد من أبويه القدوة الصالحة او العكس فإن الولد يتدرج نحو الإنحراف و يمشي في طريق الكفر و الفسوق و العصيان... إذا وجد من أبويه القدوة الفاسقة.
ليس اليتيم من انتهى أبواه من هم الحياة و خلفاه ذليلا
إن اليتيم هو الذي تلقى له أما تخلت أو أبا مشغولا.
2ـ معرفة قيمة العلم:
نحن أمة قراءة، فأول آية نزلت هي اقرأ و كررها ربنا جل وعلا مرتين على التوالي، فعلى الوالد أن يحبب لأبنائه القراءة منذ نعومة أظافرهم و يحاول زرع هذه الملكة فيهم. فالله سبحانه و تعالى يقول: "اقرأ بسم ربك الذي خلق .خلق الإنسان من علق.اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم". و لقد وردت آيات و أحاديث كثيرة يحض على العلم و التعلم ، يقول ربنا جل و علا: " هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون " كما يقول الرسول صلى الله عليه و سلم: " من سلك طريقا يطلب به علما سهل الله له طريقا من طرق الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع."
و العبد بأخذه العلم يفوز دنيا و آخرة، يقول عز وجل: "يرفع الله الذين أمنوا منكم و الذين أوتوا العلم درجات".
و ليس هذا فقط فطلب العلم يمحو الخطايا حيث يقول النبي صلى الله عليه و سلم:"ما انتعل عبد قط، و لا تخفف، و لا لبس ثوبا في طلب العلم إلا غفر الله ذنوبه حيث يخطو عتبة داره. "
و طلب العلم فيه الثواب الكثير حيث يقول النبي صلى الله عليه و سلم: " من تعلم بابا من العلم ليعلم الناس أعطي ثواب سبعين صديقا."
و فضل العلم خير من فضل العبادة حيث يقول النبي صلى الله عليه و سلم: " قليل العلم خير من كثير العبادة".
و العالم يصبح شفيعا للناس يوم القيامة، حيث يقول النبي صلى الله عليه و سلم:"يجاء بالعالم و العابد، فيقال للعابد ادخل الجنة و يقال للعالم قف حتى تشفع للناس".
فهل بعد هذا الخير من خير؟
3ـ تنظيم الوقت:على الوالدين أن يعلما أبناءهما قيمة الوقت و كيفية تنظيمه، فالوقت ليس مهما فقط في عملية التعليم و التعلم بل في كل أعمال الإنسان.
الوقت عمر الإنسان و هو رأسماله الحقيقي فعليه أن يكون شحيحا بوقته أن ينفقه في ما لا يفيد أو في ما يفسد أكثر مما يصلح. يقول الإمام أبو حامد الغزالي في إحدى رسائله:"لا ينبغي أن تكون أوقاتك مهملة فتشتغل في كل وقت بما اتفق كيف اتفق بل ينبغي أن تحاسب نفسك، و ترتب أورادك في ليلك و نهارك، و تعين لكل وقت شغلا لا تتعداه و لا تؤثر فيه سواه فبذلك تظهر بركة الأوقات، فأما إذا تركت نفسك سدى مهملا إهمال البهائم، لا تدري بماذا تشتغل في كل وقت، فينقضي أكثر أوقاتك ضائعا، و أوقاتك عمرك، و عمرك رأس مالك و عليه تجارتك و به و صولك إلى نعيم دار الأبد في جوار الله تعالى. "
عندما نتحدث عن الوقت و قيمته يجرنا الحديث عن الأعمال التي يجب أن نملأ بها أوقاتنا و بصفة عامة عما نريده من هذه الحياة. و إلى أين نسير؟ إن غياب هدف لحياتنا يجعلها بلا معنى و يجعل الوقت يمر و نحن ندور في أماكننا.
على التلميذ أن يعرف لماذا يتعلم، ما هي أهدافه؟ و ما هي المهام المطلوبة منه و كيف يصل إلى أهدافه؟ و كيف يتأكد من أنه يسير نحو أهدافه و عليه قبل كل شيء أن يقوم بتحليل لحياته المدرسية: كيف يقضي أوقاته؟ كيف يتعلم؟ ما هي عاداته؟
إن تنظيم الوقت يعني تعيين عمل لكل وقت و بعبارة أخرى تخطيط استعمال الزمان. و لتسهيل هذه العملية اقترح ما يلي:
أ - تحديد ساعات الدروس اليومية في المدرسة.
ب – تحديد جميع الأنشطة الحياتية اليومية و الأسبوعية(قراءة القرآن، زيارة الأهل و الأصدقاء...(.
ج – تخصيص أوقات يومية أو أسبوعية لأنشطة ثقافية أخرى: مثلا
قراءة كتاب مفيد مثلا
قراءة مجلات
متابعة برامج مفيدة في التلفاز
زيارة مكتبات عمومية
حضور مجلس العلم و الإيمان
د – تخصيص أوقات للراحة و الاستجمام ( رياضة، مجالسة الأصدقاء، ممارسة إحدى الهوايات، القيام برحلة...).
هذا و ينبغي الحرص على أن يكون استعمال الزمان المسطر متوازنا و قابل للتطبيق، كما علينا أن نحرص على الانضباط في تنفيذ استعمال الزمان و أن نخصص وقتا معينا لتقييم مدى تنفيذنا له
4 ـ معرفة المبادئ الأساسية للتربية:التربية مجال واسع جدا لا يمكن حصره في فقرة صغيرة كهذه و كن سأقتصر على ذكر بعض المبادئ الأساسية للتربية:
أولا: استشعار المسؤولية و الأمانة من طرف الأبوين فالرسول الكريم صلى الله عليه و سلم يقول: "إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيع." فينبغي أن نطلع على كتب و مواضيع التربية للتعرف على معانيها و أهميتها و ثوابها و أساليبها و وسائلها و طرقها و كيفية تحقيق أهدافها ثم نطبق ما تعلماه في واقع حياتنا و ذلك بكل توازن و حكمة سائرين في ذلك بين الترغيب و الترهيب، بين الليونة و العنف، بين العقاب و الثواب، بين التساهل و الجد، بين التسيب و الانضباط، بين التشجيع و التحذير...
ثانيا: إن التربية الحسنة تبدأ قبل ولادة الابن و ذلك باختيار الزوج الصالح، فالجهود ينبغي أن تكون متضافرة لتحقيق المعجزات، و ينبغي الاهتمام بالطفل طيلة مراحل نموه: حمل، فرضاعة، ثم طفولة، تليها مراهقة فشباب و رجولة. قال النبي صلى الله عليه و سلم: "ألزموا أولادكم و أحسنوا أدبهم"
ثالثا: دور الآباء لا يقتصر على توفير الأدوات و الأكل و اللباس بل كذلك توفير الاستقرار و كل الظروف و الشروط الضرورية لدراسة سليمة، و يحرصان أن تكون لولدهما التربية الإيمانية و التربية الجسمية والتربية النفسية و التربية العقلية فلا يعقل و هو في هذه الأجواء أن ينحرف أو أن ينحل.
رابعا: فإلى جانب أن الوالد يعلم ولده بالتلقين و التعوذ، و الخوف و الرجاء.... فعليه أن يعلم ولده كيف يتوكل على الله و يستعين به في الدراسة. و على الوالد أن يوقظ في ابنه حب الله و كذلك مراقبته له فيعلمه الإنابة و اللجوء إلى الله في كل صغيرة و كبيرة، و أن يعلمه إخلاص النية لله و الالتجاء إلى الله بالدعاء و يلهمه اليقين في موعود الله.
فإن جماع الخير كله إنما هو في الاستعانة بالله، فإذا ألح طالب العلم في دعاء الله، سائلا أن يفتح الله تعالى له برحمته من هذا الباب العظيم، فتح الله تعالى له من ذلك ما يشاء. و إنما الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء و الله ذو الفضل العظيم.
خامسا: يكافح الآباء على تواجد متجمع إسلامي، فلا أحد ينكر العلاقة الوطيدة بين الأسرة و الطفل و المجتمع و لكي ينمو الابن النمو السليم فهذه المسؤولية لن تبقى فقط على عاتق الأسرة و لكن كذلك المجتمع فعلى الأبوين الحرص على إيجاد المدرسة الإسلامية و الشارع الإسلامي و النادي الإسلامي.... و الاستعداد في كل لحظة للدفاع عن المجتمع الإسلامي بالأموال و الأرواح، و حماية مبادئه و أهدافه التي ترسم للبشرية الصراط المستقيم، و ذلك باتخاذ عدة إجراءات:
- الانخراط في جمعية الآباء للمؤسسات التعليمية، و تفعيل هذه الجمعية لتقوم بمسؤوليتها كاملة و لا ينبغي أن يقتصر دورها على التمويل فقط، و لكن المشاركة المباشرة في مشاكل المؤسسة التعليمية.
- المساهمة في الإعلام: فهو منبر كبير من خلاله يتم التواصل مع المجتمع و تغيير ما يمكن تغييره إلى الأحسن.
و بصفة عامة المساهمة في كل ما يؤثر في المجتمع و أفراده كالانخراط في الجمعيات و الجماعات الإسلامية و العمل على مستوى المساجد و دور الشباب....
5ـحسن التغذية:إن الغذاء الصحي المتوازن يساعد على الاستذكار لفترات طويلة دون الشعور بالإرهاق أو التعب، كما يساعد على التركيز و الإستعاب الجيدين. و قد أثبتت الدراسات الحديثة أن هناك علاقة وطيدة بين الغداء الجيد و التحصيل العلمي .والمواد الأساسية لتلبية ذلك هي:
المواد الطاقية: يقول الدكتور فوزي الشوبكي رئيس قسم التغذية بالمركز القومي للبحوث: أهم هذه الاحتياجات المطلوبة للمساعدة على التحصيل الدراسي هي مولدات الطاقة مثل النشويات التي يمكن الحصول عليها من دقيق القمح و الأرز و المقرونة و البطاطس، و يحتاج التلميذ أيضا للسكريات البسيطة التي توجد في العسل الأبيض و الأسود، و ترجع أهمية هذه السكريات إلى مساعدتها في أداء وظائف المخ الذي يحتاج إلى هذه السكريات الممتصة حديثا من الأمعاء.
كما يحتاج التلميذ أيضا إلى فيتامين ب(B)المركب الذي يمكن الحصول عليه من الحبوب مثل القمح و الذرة، و أيضا الخميرة بيرة؛ حيث تساعد هذه الفيتامينات على حرق السكريات في الجسم، و إمداده بالطاقة.
مواد البناء: يحتاجها التلميذ لأنها مهمة للجسم، و هي عبارة عن بروتينات إما حيوانية أو نباتية:
+ فالبروتينات الحيوانية تتواجد مثلا في اللحوم الحمراء و الدواجن و الأسماك و البيض و اللبن.
+ أما البروتينات النباتية فتتواجد مثلا في الفول و العدس و اللوبيا و الفاصوليا.
و تتمثل أهمية هذه البروتينات في بناء عضلات الجسم و تكوين الأنزيمات المسؤولة عن هضم الطعام و المساعدة على القيام بعملية التمثيل الغذائي بصورة عامة.
الفيتامينات: فهي تساعد الجسم على القيام بعدة وظائف مثلا:
فيتامين أ(A): المسئول عن حماية الأغشية المبطنة للجهاز العظمي و التنفسي، و من فوائده تقوية النظر، و يوجد هذا الفيتامين إما من مصادر حيوانية مثل الكبد و البيض و اللبن، أو في مصادر نباتية مثل الجزر و البطاطا ؛ حيث توجد بهذه المحاصيل مادة البيتاكاروتين التي تحافظ على قوة الإبصار.
أما فيتامين ج (C): فهو يمنع تأثير العوامل المؤكسدة في الجسم و يقي من الأنيميا و مرض الإكسابوت الذي يؤدي إلى ظهور تقرحات في الجلد، و يوجد فيتامين ج في الجوافة و الموالح و الليمون و الفلفل الخضر.
أما فيتامين ه(E): فيوجد في زيوت الأسماك، و هو مهم جدا حيث يعمل مع فيتامين (ج) على مقاومة الآثار الضارة للعوامل المؤكسدة، التي تؤدي إلى تدمير خلايا الجسم، لذلك فإن فيتامين (ج) مع (ه) يساهمان في سلامة جميع أنسجة الجسم بما فيها خلايا المخ، مما يزيد من تقوية خلايا المخ، و بالتالي تزيد قدرته الوظيفية مثل التحصيل و التركيز و الاستيعاب هذا يساعد التلاميذ على تحصيل دروسهم بصورة جيدة.
المعادن: يوضح الدكتور فوزي أن للمعادن أهمية كبيرة، و هذه المعادن كثيرة مثلا:
- عنصر الحديد الذي يقي الإنسان من الإصابة بالأنيميا، و التي تعد من الأمراض التي تؤثر مباشرة على وظائف المخ، فالشخص الذي يعاني من الأنيميا عادة يعاني نقصان في الأكسجين الذي ينبغي توافره حتى يصل لخلايا المخ، لذلك فإن عدم وصول هذا الأكسجين إلى هذه الخلايا يجمل الفرد غير قادر على التركيز و الإستعاب ، لذلك يجب تجنب الإصابة بهذا المرض من خلال إعطاء التلاميذ وجبات تحتوي على عنصر الحديد، الذي يوجد في العدس و السبانخ و عسا النحل الأسود و الكبد.
- و توجد عناصر أخرى من المعادن مثل الزنك و هي مادة مهمة لنمو الجسم و تقوية جهازه المناعي، و يمكن الحصول عليه من جميع الخضروات الورقية مثل: السبانخ و الملوخية.
- و يضيف الدكتور الشوبكي أن عناصر الكالسيوم الموجودة في اللبن و البيض، و عنصر الزنك المتوفرة في الخضروات و الحبوب الكاملة تفيد في نمو الهيكل العظمي بصورة طبيعية.
الماء: للزيادة من التركيز و الإستعاب.... أكثر من شرب الماء
فقد أكدت الدراسات العلمية أن الأطفال الذين لا يشربون كميات كافية من الماء يصابون بالجفاف، و تكون قدرتهم على التحصيل العلمي أضعف من أقرانهم الذين يتناولون الكمية الموصى بها و هي ثمانية أكواب يوميا.
و يوضح الأطباء أن النشاطات الدمائية مثل: التفكير و الانتباه هي وظائف عصبية و كيميائية، لا يمكن أن تعمل بصورة جيدة دون الماء، لذلك فإن الأطفال المصابين بالجفاف لا يملكون قدرة مناسبة للتعلم، كما أن الجفاف في مرحلة الطفولة قد تسبب مشكلات صحية خطيرة في مراحل البلوغ و الشباب،فعدم شرب الماء يسبب ضعف أنظمة الأنزيمات الحساسة التي تعتمد عليها أجسامهم، و تبدأ بالخروج من نظامها الطبيعي، كما أن المشكلات الصحية المزمنة مثل: أمراض الكلي، و ارتفاع ضغط الدم هي الثمن الذي يدفعه الأشخاص لشربهم القليل من الماء
6 ـ الحذر من المزالق و المهالك:كما أن الأبوين يمدان ابنهما بما ينفعه لأجرأة عدة أهداف تصب في المزيد من العلم و التعلم، فإنهما يجنبان و يقيان ابنهما الوقوع فيما يعرقل سيره الجيد في التحصيل الدراسي "يأيها الذين امنوا قوا أنفسكم و أهليكم نارا و قودها الناس و الحجارة. "
و من ضمن هذه العراقيل نذكر مايلي:
أ- ترك كل ما يعوق الدراسة الحسنة و الجدية في العمل مثل:
-الكسل و التسويف: فقد علمنا النبي صلى الله عليه و سلم كيف نطرد الكسل و ذلك بالدعاء: "اللهم إني أعوذ ب من الهم و الحزن و أعوذ بك من العجز و الكسل و أعوذ بك من الجبن و البخل، و أعوذ بك من غلبة الدين و قهر الرجال " كما علمنا النبي صلى الله عليه و سلم كيف نطرد التسويف و ترك عمل اليوم لغد و ذلك بالمسارعة إلى الخيرات، حيث يقول الله عز وجل " و لكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات، أينما تكونوا يأت بكم الله جميع".
- الخجل و التكبر: فاثنان لا يتعلمان هما الخجول و المتكبر.
- عدم الثقة بالنفس و الإيحاءات السلبية إذا أضفناها إلى الرضى بالواقع، فكل هذا ينتج عنه تلميذ فاشل.
- تجنب كل ما هو شائع الآن في أوساط المؤسسات التعليمية كالتعاطي للمخدرات و التبرج و السلوكيات الشاذة و الغش في الامتحانات...
- تجنب كل ما يضيع الوقت و الجهد و لا يخدم الهدف، مثلا: كثرة النوم و الأكل و النظر إلى التلفاز و الاهتمام بالثانويات قبل الأولويات.
ب- الاستعمال السيئ للإلكترونيات: فالعلم ذو حدين سلبي و إيجابي، فرغم ما أتت به هذه الإلكترونيات من تطور باهر، فقد ساهمت كذلك في تردي مستوى التلميذ و ذلك بالاستعمال السيئ لها، مثلا:
-بالنسبة للإنترنيت فإن التلميذ تستهويه المواقع الفاسدة و المضيعة للوقت عوض أن يدخل إلى المواقع المفيدة و البناءة.
- بالنسبة للتلفون فإنه حاليا أصبح أنجع وسيلة للغش في الامتحانات ناهيك عن الأوقات الكثير التي تضيع في اللغو بسببه.
ج- التحذير من قرناء الشر و رفقاء السوء و الفساد: إن الصحبة تلعب دور كبير في حياة الفرد فما بالك في حياة التلميذ، و بمقتضاها قد تؤدي هي الأخرى إلى تطور أو تدهور مستوى التلميذ.
فإن الله سبحانه و تعالى يقول:" و يوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا. ياويلتا ليتني لم أتخذ فلانا خليلا، لقد أضلي عن الذكر بعد إذ جاءني، و كان الشيطان للإنسان خدولا".
و عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: " إنما مثل الجليس الصالح و جليس السوء، كحامل المسك و نافخ الكير، فحامل المسك إما أن تجد منه ريحا طيبة، و نافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، و إما أن تجد منه ريحا منتنة" متفق عليه.
يستطيع الأب أن ينتقي لولده أصلح النماذج سواء للمصاحبة العامة في المجموعة أو للصداقة الخاصة، و يكون ذلك بتلطف لا بالفرض الصريح. فالصداقة لا يمكن أن تفرض على النفس فرضا، إنما يمكن أن تهيأ لها الفرص التي تنميها فتتوطد صداقة ابنه بهم، و تستطيع الأم كذلك مع صديقات ابنتها.
كما يستطيع الوالد أن يشرف و يوجه تلك الصدقات وجهة صالحة بتوجيه نشاطها إلى حيث يرجى الخير، فيقترح عليهم نزهات في أماكن معينة أو قراءات يساعدهم فيها.... حتى لا ينحرف نشاطهم إلى العبث أو الفساد أو التدمير، و تنتكس في نفوسهم، فبدلا أن تكون تعاونا على البر و التقوى تكون "تعاون" كذلك و لكن على الإثم و العدوان.
و يستطيع الأب كذلك أن يسال ابنه مستطلعا عن أحوال زملائه معه و أحواله مع زملائه، فإذا صار الولد يحكي لوالده عن تلك الأحوال راح الوالد يلقي توجيهاته لتصحيح ما ينبغي تصحيحه من تلك القيم مرشدا ولده إلى الصواب.
و أخيرا فإن على الوالد أن يقطع تلك الصدقات إذا وجد فيها انحرافا أو إغراء بالانحراف، على أن يوضح لولده أنه لا يلغيها من حيث المبدأ و لا يمانع في أن يكون لولده صداقات و اجتماعات مع الأصدقاء، و لكن يعترض على فلان بالذات، أو على تلك المجموعة بالذات لأن أخلاقها سيئة و لأنها تفعل كذا و كذا من الأمور....
د- الحذر مما نعتقده كنموذج حياة:
أصبحنا نعتقد أن هناك منهج آخر سحري سيحل مشاكلنا دون الإسلام فانبهرنا بالحضارات الغربية واتخذناها كنموذج في حياتنا و سلوكياتنا و لباسنا و عدم اصطحاب القيم الإسلامية في أحوالنا و قراراتنا و مواقفنا و كتاباتنا و تصريحاتنا، فأصبحنا لا نتصرف بملك إرادتنا و لم نعد نبدع وفق رغباتنا و حاجياتنا، كما لم نعد نفكر انطلاقا من دواتنا و خصوصياتنا بل نعيش تحت وطأة الحداثة الغربية التي تفرض علينا نموذجها باسم العولمة و تسلب منا حق التفكير و النظر و الاختيار.
أصبحنا نعتقد أن الإسلام ما هو إلى نتيجة تعصب للقديم أو نتيجة دراسات تلقينية و كأنه يهتم بالعبادات فقط، و أصبحنا نفصل الدين عن كل شيء و كأنه الدين خاص بالمساجد. لا و الله بل الإسلام هو أكبر من ذلك بكثير فهو دستور حياة، ما من جانب من الجوانب إلا بث فيه ما يصلحه و خاصة جانب العلم الذي يعتبر من الجوانب الأساسية في الدين.
خاتمةإن الولد كالبذرة تنبت في تربة، فإذا كانت هذه التربة جيدة، فسوف تعطي هذه النبتة ثمارا طيبة، فالتربة هنا بمثابة البيت و المجتمع. و ينبغي العناية بهذه النبتة طيلة نموها بالسقي و إزاحة النباتات الضارة من حولها.
إن دور الآباء في التحصيل الدراسي للأبناء يبقى رهين بقدرات و مؤهلات و استعدادات الولد نفسه، هذه الأخيرة تتغير من ولد لأخر فرب ولد لا يجد أبواه معه صعوبة البثة، فهو يقوم بجميع متطلباته بسهولة و تلقائية، و رب ولد تكفيه إشارة واحدة لتحقيق أحسن النتائج، و لرب ولد يحاولان معه والداه المحاولة تلو المحاولة حتى يتمكن من تحصيل دراسي جيد، و الله ولي التوفيق.
و حال الأبوين يقول : "
رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي و على والدي، و أن أعمل صالحا ترضاه، و أصلح لي في ذريتي، إني تبت إليك، و إني من المسلمين" سورة الأحقاف