فاطمة نسومر:(تسمىأيضا لالة فاطمة نسومر، حيث "لالة" لفظة توقيرأمازيغية تعني "السيدة") ( ولدت في وِرجة حوالي سنة 1830 وتوفيت في بنيسليمان في سبتمبر 1863) من أبرز وجوه المقاومة الشعبية الجزائرية في بدايات الغزوالاستعماري الفرنسي للجزائر.
النشأة:ولدت فاطمةنسومر في قرية ورجة سنة 1246هـ/1830م في أسرة تنتمي إلىالطريقةالرحمانية التي أبوها محمد بن عيسى مقدمزاوية الشيخ سيدي أحمد أومزيان شيخ الطريقة الرحمانية. وقد نشأت نشأة دينية، وكان لها أربعة إخوة أكبرهم سي الطاهر.
زواجها:في السادسةعشر من عمرها قرر أبوها تزويجها من يحيى ناث إيخولاف، وهو منبني أخوالها،لكنها رفضت الزواج منه لتستكمل علومها الدينية. وعندما زفتإليه تظاهرتبالمرض فأعادها إلى منزل والدها ورفض أن يطلقها فبقيت في عصمته طوال حياتها. آثرت حياة التنسك والانقطاع والتفرغ للعبادة، كماتفقهت في علوم الدين وتولت شؤون الزاويةالرحمانية بورجة. وبعد وفاة أبيها وجدت فاطمة نسومر نفسها وحيدة منعزلة عن الناسفتركت مسقطرأسها وتوجهت إلى قرية سومر حيث يقيم أخوهاالأكبر سي الطاهر، وإلى هذه القرية نسبت(النون في الأمازيغية للإضافة). تأثرت لالةفاطمة نسومر بأخيها الذي ألم بمختلف العلوم الدينية والدنيوية مما أهله لأن يصبح مقدما للزاوية الرحمانية فيالمنطقة وأخذتعنه مختلف العلوم الدينية، ذاع صيتها في جميع أنحاء القبائل.
مقاومتها للاحتلال:اتصلت فاطمةنسومر بالزعيم الجزائري المقاوم بوبغلة (محمد بن عبد الله) دفاعا عن منطقة جرجرة، فشاركا معا في معارك عديدة، وجرح بوبغلة في إحدى المعارك فأنقذت فاطمة حياته وقدطلبها للزواج، فلم تستطع لتعليق زوجهاالأول عصمتها.
اشتركت فاطمةفي معركة 18 يوليو/تموز 1854 التي هزم فيها الفرنسيون وانسحبوا مخلفين أكثر من
800 قتيل منهم
25 ضابطا و371 جريحا.
جند الجنرالالفرنسي روندون سنة 1857 جيشا قوامه
45 ألف رجل بقيادته شخصيا، واتجه به صوب قرية آيت تسورغ حيث تتمركز قوات فاطمة نسومر المتكونة من جيش من المتطوعين قوامه 7 آلافرجل وعدد من النساء.
شاركت فاطمةنسومر بجانب الشريف بوبغلة في المقاومة والدفاع عن منطقةجرجرة وفي صدهجمات الفرنسيين على أربعاء ناث ايراثن فقطعت عليه طريقالمواصلاتولهذا انضم إليها عدد من قادة الأعراش وشيوخ القرى فراحت تناوش جيوش الاحتلال وتهاجمها ويقال أنها هي التي فتكت بالخائن سيالجودي، وأظهرت في إحدى المعارك شجاعةقوية، أنقاذ الشريف بوبغلة المتواجد في قرية سومرإثر المواجهةالأولى التي وقعت في قرية "تزروتس" بين قوات الجنرال "ميسات" Maissiat والسكان، إلا أن هؤلاء تراجعوا بعد مقاومة عنيفة، لغياب تكافؤ القوى، عدة وعددا وكان على الجنرال أن يجتاز نقطتين صعبتين، هما: ثشكيرت وثيري بويران، وفي هذا المكان كانتلالة فاطمة نسومر تقود مجموعة من النساءواقفات علىقمة قريبة من مكان المعركة وهن يحمسن الرجال بالزغاريدوالنداءاتالمختلفة، مما جعل الثوار يستميتون في القتال. شارك الشريفبوبغلة في هذهالمعركة وجرح فوجد الرعاية لدى لالة فاطمة نسومر.
حققت انتصاراتأخرى ضد العدو بنواحي (إيللتي وتحليجت ناث وبورجة وتوريتتموسى، تيزيبوايبر) مما أدى بالسلطات الفرنسية إلى تجنيد جيش معتبر بقيادة الماريشال راندون وبمؤازرة الماريشال ماك ماهون الذي أتاهبالعتاد من قسنطينة ليقابل جيش لالةفاطمة الذي لا يتعدى 7000 مقاتل وعندما احتدمتالحرب بينالطرفين اتبع الفرنسيون أسلوب الإبادة بقتل كل أفراد العائلات دون تمييز ولا شفقة وفي 19 ذي القعدة 1273 هـ/11 يوليو 1857أسرت مع عدد من النساء.
وفاتها:وضعت فاطمة في"سجن يسر" وسط الجزائر تحت حراسة مشددة، وقد توفيت في سبتمبر/ 1863 عن عمر ناهز 33 سنة على إثر مرض عُضال تسبب في شللها.
"جان دارك" جرجرة:أطلق عليهاالمؤرخ الفرنسي لوي ماسينيون لقب "جان دارك جرجرة" تشبيها لها بالبطلة القومية الفرنسية "جان دارك"، غير أنها كانتترفض ذلك اللقب مفضلة لقب "خولة جرجرة" نسبة إلى"خولة بنت الأزور" المجاهدة المسلمة التي كانتتتنكر في زيفارس وتحارب إلى جانب الصحابي خالد بن الوليد.
تكريم الجزائر لاسمها:تقديرا لدورفاطمة نسومر التاريخي أطلق اسمها على جمعيات نسوية، كماألفت حولهاأعمال أدبية وفنية، وأطلقت الجزائر مؤخرا اسم "فاطمة نسومر" على إحدى بواخرها العملاقة المُعدة فياليابان لنقل الغاز تخليدا لذكراها ودفنت المرحومة بمقبرة سيدي عبد الله .