بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين أما بعد إخواني أعضاء منتدانا العزيز
أود أن أشارككم بهذا العمل المتواضع مساهمة مني في إثراء المواضيع الهادفة والتي نرجو من ورائها الإفادة والإستفادة..
سنشرع انشاء الله في نشر قصة الأسبوع ابتداء من هذا اليوم آملين أن تجد صدى من كافة أعضاء المنتدى العزيز.
القصة الأولى....
الوفاء
كان للملك النعمان بن المنذر، ملك الحيرة في العراق، يومان من كل سنة: يوم نعيم يرتدي فيه ثيابا زاهية ويبالغ في إكرام أول من يقدم عليه، ويوم بؤس يرتدي فيه ثياباً سوداً ويأمر بقتل أول من يأتيه زائرا أو طالب حاجة.
وذات يوم جاء رجل بدوي قطع مسافة طويلة للوصول إلى الحيرة وطلب مقابلة الملك.
عرف النعمان الرجل. فهو حنظلة الطائي الذي أضافه يوم ضلّ الطريق في الصحراء هو ورفيقه، وهو لا يعرف من يكونان ووعده النعمان بالمعونة.
أصر الملك على قتل الطائي لأنه جاء في يوم البؤس.
فقال البدوي: أنا رهن إرادتك أيها الملك. لكن لي عيالا تنتظرني فاسمح لي بالعودة إليهم لأوصي بهم وأودعهم قبل موتي وأعدك بالرجوع في مثل هذا اليوم من الأسبوع المقبل.
فقال النعمان: أسمح لك ولكن أريد أن يكفلك شخص ويرضى بالموت مكانك إذا تخلّفت عن الحضور.
نظر حنظلة في وجوه الحاضرين واستقرت عيناه المتوسلتان على عيني "شريك" رفيق الملك يوم أضافهما وكرّمهما.
وبعد لحظة قال رفيق الملك "شريك": أنا أكفل رجوعه أيها الملك....
أخذ الحراس الوزير رهينة....
وفي اليوم السابع تدفقت الجموع إلى ساحة الموت. وقبل الغروب وصل النعمان وحاشيته، وبدا القلق على وجوه الجميع.... هل سيعود حنظلة في الوقت المحدّد؟ هل يقتل الملك رفيقه شريكا؟
نظر الملك إلى الشمس.... ها قد اختفى نصفها الأسفل ولم يبق منها سوى قوس أحمر صغير....
رفع الملك يده، فاستلّ الجلاّد سيفه واستعدّ... انحبست الأنفاس، وجفت الحناجر، وتنقلت نظرات الجماهير بين المغيب ويد الملك وسيف الجلاّد ....
ورأوا غباراً من جهة الشرق، وإذا بجواد يعدو كالبرق ويقف فجأة بين الجموع. فترجّل صاحبه صارخا:.. ها أنا حنظلة قد عدت، أطلقوا "شريكا".
انفرجت أسارير الملك، وسأل "شريكا": لمَ جازفت بحياتك؟
أجاب شريك: لقد عزّ عليّ أيها الملك أن يشاع بأن الوفاء والمروءة قد فقدا من مملكة النعمان.
والتفت النعمان إلى الطائي وسأله: بربك قل لي: ما الذي حملك على الرجوع؟
فأجاب حنظلة: أخلاق عربية ترفض الغدر، ووفاء نبيل أقوى من الموت.
عندها قال الملك: يا قوم..... يا قوم.... لقد كان الطائي نموذجا في الوفاء ، كما كان وزيري "شريك" مثالا في المروءة. وإن أخلاقاً عربية كهذه لن أبخل على أصحابها بالعفو. لقد عفوت عنك يا حنظلة، ولن أردّك إلى عيالك خائبا. أما أنت يا "شريك"، فهنيئا لمملكة أنت وزيرها.....
غابت شمس ذلك اليوم، وغاب معها يوم بؤس النعمان إلى الأبد.
[justify]
التوقيع : المعلم